قيل أن بالهند يوماً يخرج الناس فيه إلى البرية ، فلا يبقى بشر إلا خرج ، من صغير وكبير وذكر وأنثى وحر وعبد ، وهذا اليوم يكون بعد انقراض مائة سنة من يوم مثله عند تمام القرن .
فإذا اجتمع الخلائق في صعيد واحد نادى منادي الملك : لا يصعدن هذا الحجر - لحجر هناك منصوب يجلس عليه الملك ومن معه من خواص مملكته ووزرائه وحكمائه وأرباب دولته – إلا من حضر في المجمع الذي قد خلا ، فربما جاء الشيخ الهرم قد ذهبت قوته وعمى بصره ، وفني شبابه ، وتجيء العجوز وهي تزحف لم يبق منها إلا رسمها، وربما لم يجيء أحد ، وقد فني القرن كاملاً بأسره .
فيصعد من بقي على الحجر، ويقول الشيخ الفاني: حضرت الجمع الأول من مائة عام وأنا طفل صغير مع والدي، وكان الملك فلاناً، والوزير فلاناً، والقاضي فلاناً، ويصف الجيوش الماضية والأمم السالفة والسنين الخالية ، وكيف طحنهم البلا وصاروا تحت أطباق الثرى.
ويقوم خطيب القوم ، فيعظ الناس ويذكرهم الموت وحسرة الغوث ، فيبكي القوم، ويتوبون من المظالم ،ويكثرون الصدقات ، ويخرجون عن التبعات ، ويصلحون على ذلك مدة، ورحم الله من اتعظ.
غرائب التاريخ وعجائبه ، لأحمد ياسين خياري ، ص10